Saturday, October 20, 2007

قلمي الناطق

ها هو قلمي الفاخر الذي لطالما احتفظت به من سنوات، لا أدري لأي سبب هذا. لكن ها قد حان الوقت لأكتب يا قلم.

على أنغام موسيقى إيرانية المنشأ (مطر الحب) أكتب على أسطر هذا الكتاب الرديء الذي رافقني في طفولتي الحمقاء، إلى هذا اليوم الذي لا أجد تاريخا فيه و لا يوما يذكر.

أنا لا أجيد الكتابة كما أجيد رسم المكعبات التي ما زلت أرسمها، و التي ملّت من رسمي لها.

سألتني صديقة، ماذا أفعل اليوم. فقلت لا شيء سوى الاستماع لموسيقى اشتريتها من بلدٍ ليس بلد. ذهبت إلى متجر لبيع الألحان من شتى البقاع، لأجد إنسانا يبيع أحلاماً لمن يرغب في تعلم الأحلام، إنسانا يبيع ألحانا لمجرد النسيان، لأناس يرغبون بالتحليق خارج هذا المدار.

سألتني إن كنت ما زلت أذكر أياماً مضت كنا فيها فرحين بما حولنا، لا نأبه بشيء سوى الضحكات و اللهو في الشوارع والطرقات، لا مباليين. قالت، ربما كان لدينا ألم مشترك، كنا نواسي بعضنا بعض. إلا أني قاطعتها بقولي، أني لم أكن أعرف الألم أو الجرح في حياتي كما عرفته هذه الأيام وفي هذا اليوم بالتحديد. أجابتني أني على حق.

أخبرتني كيف أنها تفكر في الانتحار. فقلت لها، لو تعلمي كم راودتني هذه الأفكار مراراً، لكن شيئا واحداً كان يمنعني عن التفكير، و هو خوفي من أن أقدم يوماَ على الانفصال عن هذا الكون، وأن لا أعطي المجال لحبيبتي لأن تأتي يوماَ لتصارحني بحبها، فأزرع الألم في نفسها. أخشى الانتحار لخوفي من ألم حبيبتي.

ما هو الحل، سألتني. ماذا نفعل، سألتني متألمة، هل هنالك حل. فقلت، أحبي نفسك وأحبي الذين من حولك. أفتحي النافذة وأفتحي قلبك واستنشقي هواء ملؤه الحياة، ليدخل في نفسك ليطهر الجرح والألم. أجابتني بعدم استطاعتها لأنها ما زالت متألمة من داخلها. فقلت لها هذه هي الحياة التي نعيش فيها. تناسي نفسك، حلقي في السماء، حلقي في حلمك. أكتبي ما تشعري به. أرسمي، أخرجي ما بداخلك. أجابتني بأن شيئاً يشدها للأسفل، بأنها ليست على حالها، خائفة من الناس والزمان.

أجبت، صحيح أن الجرح يترك أثرا، لكننا نتأقلم معه ويعيش معنا للذكرى. لا تنظر للماضي. أجابت، لكن هذا الجرح ما زال يعود و يفتح من جديد، لذالك لا أشفى منه. أصرت عليها أن تحاول مرة وأكثر من مرة، فلا بد أن ييأس الجرح منك. كوني أقوى منه، استمعي للموسيقى، تعلمي الطيران، تعلمي كيف تحلقي وتبتعدي عن آلامك. حلقي في السماء، في سماء لا تدوسها الأحقاد ولا تعرف الآلام. حلقي كطير أراد التحرر من قيود الناس والزمان. حلقي، اكتبي، أرسمي، فها أنا أكتب الآن وأحلق حتى في الكلام. إني أخرج الألم من نفسي، أكتبي مثلي، حلقي مثلي، فلم يبقى لدينا سوى الطيران، وها هو قلمي الفاخر ما زال ينطق بالكلام.

هذه هي الحياة، لا نفهمها إلا بألم يسكننا، نفهمها بفرح قل وجوده.

سامحيني أيتها الأرض فأنا سأحلق و سأعاود الطيران من جديد، مبتعداَ عن مستنقعاتك المملوءة بالآلام.
ورحبي يا سماء بمن أرادوك زواراً بلا كلام.

ربما تكون هذه الكلمات أسخف ما على الوجود. لكن هذه الكلمات الأقوى لتخرج الألم وتغسل نفسي من الداخل، ليأتي صباح يوم جديد، أعود إليه كما كنت طفلاً طيب القلب، لا يعرف المكر ولا الألم.

اعذريني يا حبيبتاً كنت لها صادقاً، فأنا لا أجيد الكلام، فأنا لست برجل لديه تجارب في الحب أو مغامرات مع النساء.

ما أنا سوى مغفل يتلق النصائح من الكبار، ليقع بفخ لا يعرف الخروج منه إلا مع مرور الزمن وفوات الأوان.

20/10/2007